يقترح عزالدين فشير، الزميل المتميز في كلية دارتموث والدبلوماسي المصري والأممي السابق، أن السبيل الوحيد لإنقاذ أهالي غزة واستقرار الساحة الفلسطينية-الإسرائيلية يمر عبر منح مصر وصاية على قطاع غزة.

تشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن الوضع في غزة أصبح معلقًا بين خطر الإبادة ووهم المقاومة المسلحة المستمرة، بينما تتوالى الصور والتقارير عن المجاعة، وتفشل مفاوضات التهدئة، وتصدر مؤتمرات المجتمع الدولي بيانات سرعان ما تذوب في الهواء.

يرى الكاتب أن مصر هي الطرف الوحيد الذي يمتلك الشرعية والقرب والقدرة الكافية لإنقاذ غزة من دوامة الحرب والحصار واليأس، كما أنها الوحيدة التي تحظى بثقة إسرائيل وقطاع كبير من الفلسطينيين بما يؤهلها لأداء دور الوصي.

يطرح الكاتب تصورًا يقوم على اتفاقين متوازيين: الأول بين مصر وحماس والسلطة الفلسطينية، والثاني بين مصر وإسرائيل. يهدف الاتفاقان إلى الإفراج عن الرهائن وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.

يسمح الاتفاق المصري الفلسطيني لمصر بإدارة غزة أمنيًا وإداريًا بشكل كامل، وتتسلم القوات المصرية سلاح حماس وتقيّد أسماء عناصرها لديها، بينما تُنشئ إدارة فلسطينية جديدة تحت إشراف مصري، مع جهاز شرطة وخدمة مدنية. تنتشر القوات المصرية لضمان الأمن ومنع عودة التنظيمات المسلحة.

بالموازاة، يكرّس الاتفاق المصري الإسرائيلي انسحاب تل أبيب الكامل، مع ترتيب أمني مشابه لما هو قائم في سيناء، ورفع الحصار تدريجيًا بالتزامن مع عودة الاستقرار.

يفتح هذا الإطار المجال أمام مكاسب لجميع الأطراف دون تنازلات جوهرية. تستعيد إسرائيل أمنها دون إدارة غزة، وتخرج حماس من المواجهة بشكل يحفظ ماء وجهها عبر تسليم سلاحها لمصر بدلًا من خصمها المباشر. في المقابل، تتاح للفلسطينيين فرصة لتشكيل مؤسسات وطنية جديدة بعيدًا عن انقسامات السلطة والفصائل. ويمكن تكرار هذا النموذج في الضفة الغربية عبر دور مشابه للأردن.

يتطلب هذا المشروع خطة إعادة إعمار كبرى بتمويل ومراقبة دولية، تشمل بناء مطار وميناء جديدين، على أن تُستخدم مدينة العريش كمنفذ مؤقت. لا بد أيضًا من فك الارتباط الاقتصادي بين غزة وإسرائيل، فالتكامل الاقتصادي لم يعد ممكنًا في ظل ظروف أمنية متدهورة.

يدعو الكاتب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية إلى تمويل المشروع والاستثمار فيه، مع دعم الاقتصاد المصري المثقل بالديون، وتوفير ضمانات سياسية تؤكد أن الخطة خطوة نحو سلام إقليمي، لا مصدر توتر جديد.

يشدد فشير على أن هذا ليس مخططًا للضم، بل وصاية انتقالية معترف بها دوليًا، تمهّد لاستقلال فلسطيني قائم على القانون والاستقرار، لا العنف والشعارات. وعلى الرغم من أن الدولة الفلسطينية المستقبلية في غزة ستظل مرتبطة سياسيًا وعسكريًا بمصر، إلا أن ذلك سيضمن استقرارًا إقليميًا طويل الأمد.

ينتهي الكاتب بالتأكيد على أن لا حلول واقعية أخرى لغزة. السلطة الفلسطينية مرفوضة من إسرائيل، واستمرار حكم حماس مرفوض أكثر. أما فكرة لجنة مستقلة تدير غزة مع بقاء سلاح حماس فهي وهم. البدائل الحقيقية هي التهجير الجماعي أو الاحتلال العسكري الدائم – وكلاهما كارثي.

لا مفر من تدخل مصر. وحدها قادرة على إرساء سلام مستدام.
 

https://www.washingtonpost.com/opinions/2025/07/30/gaza-egypt-trusteeship-plan/